كلمة المنسق
العام لـ "منبر أدباء بلاد الشام" رئيس اللجنة التأسيسية في فلسطين
الشاعر محمد شريم في حفل تأسيس "المنبر".
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة
الحضور مع حفظ الألقاب ، أرحب بكم أجمل ترحيب في هذا الحفل الأدبي الذي تنظمه
جماعة "منبر أدباء بلاد الشام " الأدبية (شام) ،
أيها الإخوة الحضور ،
إذا ما أمعنا النظر في التاريخ العربي القريب ، فإننا وبكل سهولة سنجد أن أكثر
الأقطار العربية تأثراً بالعسف الاستعماري ، هو القطر الشامي ، أي بلاد الشام ،
ذلك أن هذا القطر وانطلاقاً من اتفاقية "سايكس بيكو" الاستعمارية وما
بعدها قد تعرض للتقسيم والتجزئة أكثر من أي قطر آخر ، ولربما كان ذلك بهدف تهيئة
الظروف لتنفيذ المخطط الاستعماري الذي استهدف فلسطين فيما بعد متسبباً في نكبتها.
ولعل ما هو
أشد خطورة على هذا القطر من التجزئة السياسية التي نراها ماثلة للعيان ، هو ترسيخ
هذه التجزئة في الأذهان ، وأن تنتقل آثارها من أديم الأرض إلى عقل الإنسان ، ونمط
تفكيره ، وبالتالي إلى نتاجه الثقافي .
وبما أن مخطط التجزئة ـ وللأسف ـ قد تمكن من فرض إرادته على السياسيين ، فإن المثقفين
ما زالوا يمتلكون القدرة على المحافظة على إرادتهم والتمترس في قلعة الوحدة
الثقافية لهذا القطر العربي دفاعاً عنها .
ومن هنا ، وانطلاقاً من هذه القناعة ، فقد خطر ببالي قبل أسابيع أن أقوم بعمل
مجموعة باسم "منبر أدباء بلاد الشام" وذلك على موقع التواصل الاجتماعي (
فيسبوك ) ، فانضم إليها عدد من الأدباء والمثقفين في القطر الشامي بشكل عام وفي
فلسطين بشكل خاص ، من الذين يشاركونني وجهة النظر ، على أمل أن نسهم معا في
المحافظة على هذه القلعة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، وأعني قلعة الوحدة الثقافية
للديار الشامية ، وذلك بمعزل عن أحوال السياسة وبحرها الهادر الصاخب متلاطم
الأمواج ، فذلك ليس من شأننا نحن كجماعة أدبية ، وإنما هو من شأن التجمعات
والأحزاب السياسة ، وهذا لا ينفي أن يكون لكل منا موقفه السياسي والفكري الخاص.
وبعد أن
رأيت من التشجيع ما تكرم علي به زملائي ، فقد قررنا معاً أن نضع فكرة
"المنبر" على سكة العمل الثقافي الميداني ، بهدف المساهمة في المحافظة
على الوحدة الثقافية لبلاد الشام وذلك من خلال تسليط الضوء على جوانب تلك الوحدة
ومظاهرها ، والعمل على تعزيزها ، بمختلف السبل والأدوات المتاحة ، والقيام بما
يمكن القيام به من الأنشطة المشتركة ومنها زيادة التواصل بين الأدباء ،وتنظيم
الأعمال الأدبية المشتركة من لقاءات ومهرجانات وإصدارات ، وتبادل الزيارات ، وذلك
بالتنسيق مع الجهات الرسمية والشعبية ذات العلاقة ، وفي إطار القانون المعمول به
في كل بلد من بلاد الشام. وقد خطونا ـ بحمد الله ـ خطوات مشجعة بهذا الاتجاه ،
وكانت الخطوة الأولى بأن تواصلت مع الصديق سامي مهنا رئيس اتحاد الكتاب والأدباء
الفلسطينيين في الداخل ليرتب لنا زيارة للجولان المحتل ليكون عملنا الأدبي الأول
على أرض الواقع هو لقاء أدبي يجمع عدداً من أدباء فلسطين التاريخية وسورية العروبة
، وذلك على أرض سورية ، وهذا ما تم فعلاً بتاريخ 23/7/2019 والذي نعتبر يوم
انطلاقة المنبر على مستوى بلاد الشام.
وإذا توخينا
الحديث بشكل أكثر تفصيلاً عن الوضع المحلي لـ "منبر أدباء بلاد الشام" ،
أي وضع المنبر في فلسطين ، فإنه آخذ بالتبلور بشكل متسارع حيث تم تشكيل لجنة
تأسيسية للمنبر ، وهم من محافظة بيت لحم والقدس بناء على نصيحة أهل المشورة لتسهيل
بعض الإجراءات ، وانضم إليه عدد من الأدباء الفلسطينيين الذين يعيشون في محافظات
فلسطين الأخرى ، وما هذا اللقاء الذي يجمعنا اليوم إلا ثمرة طيبة أولى من ثمرات
"منبر أدباء بلاد الشام" على أرض فلسطين ، ونأمل أن تنضج بعدها ثمرات
وثمرات ، على أمل أن يشجع نجاحنا زملاءنا في أنحاء بلاد الشام الأخرى لتكون فروع
للمنبر في البلدان الأربعة تجمعها لجنة تنسيق عليا ذات يوم.
أيها الإخوة
الحضور ،
إننا ندرك
ما تواجهه هذه الفكرة من صعوبات ، ونعلم أنها ستواجه الكثير من المعوقات ،
والعقبات الكأداء، ومع ذلك فإننا نؤمن أن إضاءة شمعة هو أفضل من أن نلعن الظلام ،
كما نوقن أن الخطوة الصغيرة لا بد وأن تتبعها خطوات المؤمنين بالفكرة والهدف ، ومع
أنني متفائل بطبعي ، والأمل يحدوني كما يحدو زملائي بإنجاز الكثير في هذا المسير، إلا
أننا نضع بعين الاعتبار أن الخطوة الأخيرة من خطوات الألف ميل قد لا نحظى نحن
بخطوها ، ولكننا نؤمن أن أحداً ما سيخطوها ذات يوم!
وأخيراً
اسمحوا ـ أيها الأصدقاء ـ أن أشكر لكم جميعكم هذا الحضور الطيب ، كما أشكر الإخوة
في وزارة الثقافة ممثلة بمدير مكتبها في بيت لحم أ. زهير طميزة ، والاتحاد العام
للكتاب والأدباء الفلسطينيين وأمينه العام أ. نافذ الرفاعي ، واتحاد الكتاب
والأدباء الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني ممثلاً برئيسة أ. سامي مهنا لهذا النفس
الطيب في مؤازرة "منبر أدباء بلاد الشام" ودعم فكرته، ولا يفوتني أن
أتوجه بالشكر إلى هذه المؤسسة الثقافية العريقة التي تقف قلعة صامدة في وجه
الاقتلاع الثقافي الذي نعانيه في هذه البلاد وأعني مؤسسة إبداع وإدارة المؤسسة
ومنهم الصديق العزيز الأستاذ خالد الصيفي لفتحهم أبواب المؤسسة أمام
"المنبر" بكل هذه الرحابة والترحاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق