أعلان الهيدر

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019

الرئيسية محمد نصار : أعيدو المجد للكتاب لتشرق الشمس!

محمد نصار : أعيدو المجد للكتاب لتشرق الشمس!




أجرى اللقاء الشاعر محمد شريم
 محمد نصار :
ـ أعيدوا المجد للكتاب لكي تشرق شمس هذه الأمة!
ـ الثقافة والكتاب قي وعي المسؤول شيء من الترف الباذخ!
ـ “بين حانون” هي عالمي الي أستوحي من الكثير من إبداعي.
محمد شريم : أرحب بك صديقي الأديب الفلسطيني الكبير محمد نصار ، واسمح لي أن نبدأ حوارنا الذي أجريه معك لصالح موقع “شرق وغرب” الإخباري اللندني ، والذي سننشره ضمن ركن “رموز ثقافية “.
محمد نصار : أهلاً وسهلاً بكم.
محمد شريم : هلا زدتَ القارئ العربي معرفة بمحمد نصار.
محمد نصار : هذا طموح أسعى إليه وأعتقد أنه طموح كل كاتب جاد، يسعى لأن تكون دائرة انتشاره أوسع وأشمل، لكن هذا الأمر مرتبط بعدة عوامل ومحددات، بدءا من طبيعة المنتج الذي نقدمه، من حيث الجودة والسبك، مرورا بعقبات أخرى، كآليات النشر والتوزيع التي نعاني منها جميعا، ثم الحصار الذي نعيشه في غزة والذي حرمنا لسنوات طويلة من حضور المؤتمرات الثقافية ومعارض الكتاب العربية والمشاركة فيها ومع ذلك فأنا على الصعيد الشخصي أحاول جاهدا الوصول إلى هذه الغاية وربما أكون قد حققت شيئا مما أطمح إليه .
محمد شريم : أديبنا محمد نصار ، هل تذكر أول كتاب قرأته مستفتحاً به فضاءك الثقافي ؟
محمد نصار : لعل أول كتاب لفت انتباهي إلى هذا العالم الإبداعي الرحب، هو لمحمود تيمور  رواية “نداء المجهول”، كانت مقررا دراسيا ونحن في الخامس الابتدائي على ما أذكر ورغم صعوبة أسلوبها وغموضه علينا كطلاب في تلك المرحلة، إلا أنها شدتني إليها بشكل كبير، ثم رواية “بول وفرجيني” أو الفضيلة التي ترجمها المنفلوطي، حيث قرأتها في المرحلة الإعدادية هي البؤساء لفيكتور هيجو، ثم استمر تعلقي  بهذا العالم الرحب والمميز، فتعددت القراءات وتنوعت حتى يومي هذا.


 نصار 4 - شرق وغرب

محمد شريم : بمناسبة الحديث عن الكتب ـ وأنا أعرف أنك غزير الكتابة والنشر ـ كم عدد مؤلفاتك حتى الآن ؟
محمد نصار : أصدرت عشر روايات وأربع مجموعات قصصية وكتاب عن السيرة النبوية ” في ثنايا السيرة” وكتاب ” رسائل رجل محترم جدا” وآخر “ضفاف من نور” عن سيرة حاج، يشبه أدب الرحلات، بالإضافة إلى العديد من الدراسات الأدبية والسياسية المنشورة في الصحف والمواقع الالكترونية.
محمد شريم : هي في مجالات ثقافية متنوعة ..
محمد نصار : كما أسلفت آنفا، فهي مزيج متنوع في الأدب والنقد والسياسة.
محمد شريم : في الحكاية المعروفة ، سُئل أعرابي: أي أبنائك أحب إليك ؟ .. وأنا أسألك أي كتبك أحب إليك؟
محمد نصار: هذا سؤال صعب، لأنهم جميعا أبنائي وليس بالهين أن أفاضل بينهم، خصوصا وأنا واحد من أولئك الذين يعيشون الكتابة نزفا وأرقا وكثيرا من الوجع، لكني أشعر أحيانا بقربي من هذا العمل أو ذاك أكثر من غيره، أو أنه يحمل صفاتي الوراثية أكثر، فأنا أرى نفسي في روايتي ” تجليات الروح” وأعجب جدا بشخصية حسين في روايتي “صفحات من سيرة المبروكة” وأحب محمود الذي يشبهني في روايتي ” دروب العتمة”، إلا أنهم في النهاية أبنائي جميعا بلا استثناء.    


 نصار4 - شرق وغرب

محمد شريم : هل تذكر إبداعك الأول ؟ ما الذي استفزك لكتابته ؟
محمد نصار : هي محاولة مسرحية لم أنشرها باسم “الأنذال” وإنما نسخ معدودة للأصدقاء، كان ذلك صيف عام 86، جاءت إثر تصاعد حالة القمع والإذلال التي كانت تمارس علينا من قبل الاحتلال وأدت فيما بعد إلى تفجر الانتفاضة، في ظل صمت عربي مطبق، يشبه هذا الصمت الذي نعيشه الآن، مع كل هذا التجبر والغلو الإسرائيلي،  فاقترح علي أحد الأصدقاء، أن أعرضها على الأخوة المسرحيين في الحكواتي، أخذت برأيه وقصدت المكان وتم تحديد موعد للنقاش، ثم ذهبت في اليوم المحدد، لأجد حشدا من المثقفين أشعرني بالرهبة، من بينهم على ما أذكر جورج ابراهيم ، محمد البطراوي ، أحمد أبو سلعوم، ثم بدأ النقاش، الذي لم يكن في جله لصالحي، مما حدا بي لأن أرجع بعدها بفترة قصيرة، حاملا معي عملا جديدا نال استحسانهم.    
محمد شريم : أنت كتبت القصة القصيرة، وكتبت الرواية ،والمقالة أيضاً . أي هذه الأشكال الأدبية هو الأقرب إلى نفسك ؟
محمد نصار : أعتقد أن طبيعة الموضوع هي التي تحدد اللون الذي يليق به أو يناسبه وربما نوع الحدث الذي يعيشه الكاتب ومدى تأثره به، يشكل الدافع الرئيس للخوض في جنس بعينه، فمنها ما قد يكون التعبير الفوري عنه ضرورة ملحة، فالمقالة أو القصيدة والقصة، هي الأسرع لتحقيق الغرض ومنه ما يحتمل التأجيل حتى تتضح جوانبه وتنضج فكرته، فتكون الرواية ثوبا مناسبا له.
محمد شريم : أي الأدباء القدماء تمنيت لو تلتقيه الآن ؟
محمد نصار : بصراحة أجلهم جميعا وأقر بالعرفان لكل من قرأت له، عربا كانوا أو عجما ولكن لابد من الإقرار، أن بعض الأسماء ما زالت راسخة في الذاكرة ولها حضورها وتقديرها، جورج أمادو.. ماركيز.. نجيب محفوظ.. الماغوط.. ولكني أجل على نحو خاص حنا مينا، هذا الذي فتننا بعوالمه الساحرة في البحار والمصابيح الزرق وغيرها من الاعمال، التي أضاءت جوانب معتمة من حياة سورية الشقيقة.
حنا مينا..تلستوي.. كافكا.. الطاهر وطار.. الطاهر بن جلون وكثر لا داعي لذكرهم كانوا جميعا أصحاب فضل علي.
محمد شريم : ماذا كنت ستقول لحنا مينا ..؟ وصيته التي نشرت بعد وفاته مؤلمة!
محمد نصار : أقول له ” حنا مينا” لقد ُظلمت، فمع كل هذا الإبداع والعطاء الذي قدمت، إلا أنك لم تنل من التكريم ما تستحق كقامة أدبية شامخة.
محمد شريم : أين محمد نصار المبدع من السياسة ؟ وهل يمكن أن يكون المبدع مبدعاً وهو بعيد عن خضم السياسة ؟
محمد نصار : السياسة واقع نعيشه في كل حين، خصوصا نحن هنا في فلسطين، فهو كالهواء الذي نتنفسه، شئنا ذلك أم أبينا والكاتب ابن بيئته لا فرار ولا مناص منها، إلا أن أدوات التعبير تتعدد، فأنا قد أعبر عن مواقفي ورؤيتي السياسية من خلال عمل روائي أو قصصي وأحيانا من خلال مقالة، كل ذلك محكوم للظرف وطبيعة الموضوع المنوي تناوله وإن كنت في غالب الأحيان أجير الفكرة وأسعى لتوظيفها أدبيا، باعتبار أن الأدب هو الأبقى.   
محمد شريم : أستاذ محمد ، سأسألك عن بعض الأسماء ليعرف القارئ ما يعنيه كل منها للكاتب والأديب والإنسان محمد نصار : الانتفاضة الأولى ، بيت حانون ، غريب عسقلاني ، صفحات من سيرة المبروكة ، الحصار، ترانيم يشوبها الوجع ، الرواية .
محمد نصار :
الانتفاضة الأولى : رغم قسوتها وما عانينا خلالها من وجع إلا أنها وحدتنا جميعا تحت راية الوطن وتحت علم واحد وصوب هدف بعينه.
بيت حانون : هي عالمي الذي أستوحي منه الكثير من إبداعي.
غريب عسقلاني: صديق عمر ورفيق درب وقامة أدبية عالية، لها حضورها في النفس على نحو خاص.
صفحات من سيرة المبروكة : هي سيرة وطن ومن أحب الأعمال إلى نفسي، حاولت من خلالها إحياء الذاكرة ووضع هذا الإرث الجميل، أمام الأجيال الحاضرة والقادمة، لكي تظل فلسطين حاضرة في كل حين.
الحصار: هو العذاب بعينه، فلقد أضنى عيشنا في هذا الجزء المنكوب من الوطن، انعكس على كل مناحي الحياة، ثقافية، اقتصادية، اجتماعية وخلق واقعا لم نشهد له مثيلا من قبل ولا حتى إثر نكبة ثمانية وأربعين.   
ترانيم يشوبها الوجع : هي قصة قصيرة حاولت من خلالها، أن أسلط الضوء على هذا الواقع العجيب هنا في غزة وانعكاسه المدمر على حياتنا.
الرواية : هي قبسات من وجع نعيشه في هذا الظرف الملتبس.
محمد شريم : ككاتب فلسطيني ، هل ترى الكاتب الفلسطيني قي أزمة ؟ ماهي هذه الأزمة ؟
محمد نصار : هي أزمات وليست أزمة واحدة، فبالإضافة إلى ما سبق وأشرت إليه من مواضيع لها علاقة بالنشر والسفر مثلا، فإن هناك ما هو أخطر، بدءا من حالة التشظي والضياع التي خلقها هذا الانقسام البغيض، مرورا بحرية الرأي والتعبير التي أمست بلا معنى على أرض الواقع، ثم اعتبار الثقافة والكتابة، في وعي المسؤول، شيء من الترف الباذخ، الذي لا حاجة له وهو ما جعل الكتاب والكاتب على هامش الأولويات، بل وصل الحال ببعض الكتاب إلى افتراش الرصيف وبيع القهوة لكسب قوت يومه.
محمد شريم : هنا ، أسألك باعتبارك عضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والأدباء . هل يمكن للاتحاد أن يساعد الكاتب في تجاوز أزمته ؟
محمد نصار : ربما جزء من الإجابة كانت ضمن السؤال السابق، بمعنى هل ننظر للثقافة باعتبارها رافعة مهمة وضرورية لبناء المجتمع أم لا؟، إذا كان الأمر كذلك فلا بد من أسس يقوم عليها هذا القول، من حيث دعم المؤسسة وبرامجها، دعم الكاتب والكتاب وإعطاء المزيد من الدعم المادي والمعنوي للمؤسسة الثقافية بشكل عام، أما إذا كان النظر للثقافة باعتبارها ترفا يمارسه بعض المهووسين، وهذا هو واقع الحال للأسف الشديد، فلن نقدم شيئا، لا في الاتحاد ولا غيره، لأني أعتقد جازما أن الثقافة صناعة، بمعنى أنها بحاجة أولا، إلى توجه صادق من المؤسسة العليا وتخطيط على أعلى المستويات، ثم موازنات ومتابعة وهذا الأمر ليس بدعة، فقد كان قائما في عدد من الدول العربية في الفترة ما بين أواسط الخمسينات وحتى آواخر الثمانينات، فأنتج واقعا ثقافيا لا مثيل له، على صعيد الإبداع بشتى فنونه، مكتوب ومسموع ومرئي وحين تراجعت هذه البرامج، ظهرت داعش وأخواتها.           
محمد شريم : أحد الكتاب قال لي مرة : يخيل لي أن اتحاد الكتاب ـ في السنوات الأخيرة ـ هو جزء من الأزمة وليس جزءاً من الحل . ماذا تقول له؟
محمد نصار: الأزمة تكمن في وعينا، اتحاد الكتاب مجرد جسم نقابي، إن وجد من يديره على النحو الصحيح، ولاقى الدعم الذي يؤمن له الحد الأدنى من الخطط والبرامج، قد يحقق شيئاً من المأمول ولكن إن لم يكن الأمر على هذا النحو، فكيف له أن يسير على الدرب ومع ذلك فالأمر مرتبط بوعينا ورؤيتنا للثقافة إن كانت ضرورة أم ترفا؟.


 نصار 3 - شرق وغرب

محمد شريم : وما هي نظرتك إلى المستقبل الثقافي الفلسطيني والعربي ؟ كيف تراه ؟
محمد نصار : في ظل هذا الواقع المفجع، تبدو لي الصورة قاتمة إلى أبعد حد وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى أجيال عديدة، لكي نعيد ترميم المشهد من جديد ولو بالحد الأدنى مما كان عليه.
محمد شريم : هل يمكنك أن “تهمس” لنا بمشروعك الأدبي المنتظر ؟
محمد نصار : أعمل الآن على إصدار مجموعة قصصية بعنوان ” رجال تحت السوط ” نشرت عددا من قصصها على صفحات موقعكم الأغر وكلي أمل أن أنجزها قبل نهاية العام.
محمد شريم : إن شاء الله . وما هي الكلمة الأخيرة التي توجهها إلى القارئ العربي من خلال “شرق وغرب” ؟
محمد نصار : ثقافتنا العربية هي الهوية والحاضنة، التي تجمعنا جميعا تحت رايتها ولا يمكن بحال أن نحافظ على هذه الهوية، مالم نكن على اطلاع دائم وقراءة دائمة ومعرفة واعية، تنجينا من ويل الدجل والفتن التي مزقت جسد هذه الأمة تحت دعاوي باطلة، أعيدوا المجد للكتاب لكي تشرق شمس هذه الأمة .
محمد شريم : أشكرك صديقي الروائي والكاتب المبدع محمد نصار . دام عطاؤك.
محمد نصار : كل الشكر والتقدير لكم ولجهودكم الطيبة في نشر الوعي والمعرفة من خلال هذه النافذة الثقافية الراقية.
                                 **********
(عن شرق وغرب اللندني ـ تاريخ النشر 20 إبريل 2019)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.