هي
مجموعة قصصية صدرت حديثا، عن مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر، للكاتبة الصديقة،
دولت محمد المصري وتضم بين دفتيها ما يقرب من عشرين قصة قصيرة، تنوعت في طرحها
وزوايا التقاطها، لكنها اتفقت جميعها في النهل من نبع واجد، نبع الآلام التي نعيشها
كفلسطينيين أينما كنا أو حللنا وكأنها قدر
يلاحقنا في الحل والترحال، فلو نظرنا إلى العنوان باعتباره عتبة من عتبات النص
" العتبات المتكسرة" لاستشرفنا من خلاله ما الذي ينتظرنا بين دفتي
الكتاب ولو تتبعنا عناوين القصص التي تناولها العمل لأعطت أيضا ذات الدلالة
"الحروب على غزة، حليب أحمر، ضائع عبد الحق، الرهان الكبير، العتبات المتكسرة
وهي أطول قصص المجموعة من حيث السرد، المترجم، هنا غزة، هنا الوطن، هنا بيروت، هنا
القاهرة...الخ، فكلها عناوين تمثل محطات متخمة بالوجع والانتظار، رغم أن بعضها
عبرناها منذ سنين، لكنها تأبى أن تفارقنا أو تنسلخ من الذاكرة وكأنها تعيد استنساخ
ذاتها بين فترة وأخرى، أو أننا ندور في حلقة مفرغة.
ثلاثة
أشياء شدتني كقارئ في هذا العمل الجميل:
1- أن الكاتبة لم تقف عند حد معاناتنا
كفلسطينيين، سواء كانت تلك المعاناة من صنع المحتل كما في قصة حليب أحمر، أو تلك
التي من صنع أيدينا في إشارة للانقسام وتوابعه، كما في قصة ضائع عبد الحق والرهان،
لكنها ربطتها بمحيطنا العربين كما في قصة المترجم التي تتحدث عن الغزو الامريكي
للعراق وما ترك خلفه ،من ويلات وكوارث وكذلك الأمر مع قصة هنا القاهرة، هنا
بيروت,,,الخ وكأنها تشير إلى مدى الترابط، بين ما يحدث هنا وما يجري في المحيط من
حولنا ومدى انعكاسه علينا وهو ما نعيشه حقيقة ساطعة في هذه الأيام.
2- لم تتخذ الكاتبة نمطا محددا في الكتابة، فبعض
القصص غلب عليها الطابع الفنتازي، كما في حليب أحمر ..هنا غزة.. هنا لندن.. الخ وأخرى
غلبتها الواقعية بكافة تفاصيلها، كما في العتبات المتكسرة و الرهان وغيرها من
الفصص وثالثة اتسمت بالرومنسية الحالمة، كما في قصة هنا الوطن.
3- أما الأجمل فهو أن يأتي هذا البوح، محملا بكل
ما فيه من وجع ومرار، من قسوة وألم، بلغة سردية شاعرية جميلة، مفعمة بالكثير من
الصور والدلالات على لسان كاتبة مرهفة رقيقة، لهو خير دليل على أن نساءنا شقائق
لنا يقاسمننا الوجع بنفس القدر الذي نعانيه وربما أكثر وقادرات على تحمله ومكابدته
وربما التعبير عنه بشكل قد يفوق قدراتنا وفي هذا رسالة لكل أولئك الحمقى الذين
ينظرون إلى المرأة من منظور مختلف.
في
النهاية لا يسعني سوى أن أتقدم بشكري الجزيل، للصديقة الكاتبة على هذا الجهد
الجميل متمنيا لها دوام التقدم والنجاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق