أعلان الهيدر

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019

الرئيسية هي بيت لحم !

هي بيت لحم !

   

     بقلم : محمد شريم
   هي بيت لحم ! لم تزل ملكة الروح ومهبط الهوى منذ أن رَفلت بثوبها الأبيض على صهوات السُّحب لتجسد اللقاء بين الأرض والسماء ، فتكللت بالمجد المزين بأغصان الزيتون ، وأزهار الياسمين ، وأغصان الرياحين ، التي تتخللها شقائق النعمان .
أنت العروس لتلبسي الإكليلا         فالمجد جمّل دُرّه تجميــــــلا
  وكيف لا تكون مهبط الهوى ، ومحط الأعين ، وملتقى الأفئدة ، وقد تسابقت إليها أسراب اليمام بين الغمام ، لتهبط مع قطرات الندى ، فتشهد أيقونة الخصب المتجدد ما دام القمر يسحر العاشقين ، وما دامت الشمس تجري في فلكها الدوّار ، بلا انتظار .
فإذا ظننت هواي فيك تفرّداً          أدركتُ كم لي في الأنام مثيلا !
  هي ملهمة الأدباء ، ومدرجة الإبداع ، وقيثارة الشعراء  ، منذ أن تربعت على تلة الحضارة مع انبثاق التاريخ ، تضاحك الشمس في الصباح على حافة الصحراء ، ولهذا ، تجد أنفاسها الحرّى تجري في ( مزامير داوود ) وعصافيرها تزقزق على ألحان أوغسطين لاما ، وتلحظ طرقاتها تجري مع أقدام جبرا إبراهيم جبرا في بئره الأولى !
يا بيت لحم أبث فيك صبابة          شعراً يساجل لحنه الأرغـــــولا
  هي بيت لحم إذن ! حيث يبدأ التاريخ من جديد ، وتعيد أنهار الفكر ترقرقها ، وتبشر أيائل الحضارة بموسم خصب آخر ، فتخطُّ يد الهداية خريطة المجد ، وترسم ريشة الإيمان أيقونة السلام ، وتنشد حناجر المؤمنين نشيد المسرّة .
أولستِ من هدت الخليقة حينما         أمست تلاحق أفقها المجهولا؟!
  في بيت لحم ينير سراج السماء فجاج الأرض ، وتمتزج الثريا بالثرى ، وترى نجوم السماء تتقافز بين أقدام الصبايا الجميلات ، وتتبدى الملائكة لتعلن بشارة الأمل ، وتتقدم النبوة لتخرج من عباءة الطهارة .
لله درك كيــــف بددت الدجـــى         وكشفت ستر الظلمة المسدولا
حين ارتضاك الله أرض طهارة         فأتتك مريم للمخاض بتـــــولا!
  على تراب بيت لحم ، يمكن لوالدة ضعيفة أن تهزّ إليها بجذع النخلة لتساقط عليها رطباً جنياً ، فتتذوق حلاوتَها البشريةُ على مدى الأزمان ! وفي مغارتها أيضاً يمكن أن  يسدل الله ستار حفظه ، وحجاب أمنه ، على رضيع في مذوده ، ترتجف عليه والدته خوفاً من بطش هيرودس ، فيباركه الله ببركته ، ويجعله هو وأمه آية للعالمين !
هذا المسيح مبارك في مهــــده       والله بارك في الورى الإنجيــــلا
 وفي بيت لحم أيضاً ، تقرأ سفراً يروي فيه التاريخ أحداثاً وردية كحكايات الجدّة للأطفال ، عن رهبان يدعون الفاتح ليصلي في كنيستهم ، فيخشى عليها من عسف أتباعه في قادم الأعوام ، كما تقرأ في سفرها هذا عن كنيسة تهب الأرض لمسجد كي يجاورها بسلام ووئام !
وغدوت أرض المهد دار تعايش       حتى وإن قرع الغزاة طبـــــــولا
  وفي ساحات بيت لحم ، وأزقتها العتيقة ، يمكنك أن تتفيّأ رغم قسوة الزمان ظلال الأمن والأمان ، وأن تتنفس إن جئتها شريداً طريداً الصعداء ، وما تلبث أن تحتويك وتحتويها ، فتسري فيك ، وتتشبث بها ، فتصبح قبل أن يرتد إليك طرفك واحداً من أهلها !
كم جاء ساحـك خائف فأجرتـــه        وحضنت في ظل الأمان نزيـــــلا
  هي ذي بيت لحم ، لها وبها ومنها وفيها السلام !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.