أعلان الهيدر

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023

الرئيسية في كتاب صدر للشاعر في القاهرة : قراءة الشاعر فرحان الخطيب للقصيدة العمودية المشتركة "يارب فالطف" التي نظمها شعراء المنبر.

في كتاب صدر للشاعر في القاهرة : قراءة الشاعر فرحان الخطيب للقصيدة العمودية المشتركة "يارب فالطف" التي نظمها شعراء المنبر.





                                قراءة في القصيدة المئوية

                                       يا رب فالطف !

                               التي كتبها شعراء منبر أدباء الشام

 

                                                                    بقلم : فرحان الخطيب

 

لمّا يزل الشعر ديوان وجدان العرب، ومن على شرفاته العاليات يتنادى الشعراء العرب، لكي يعيدوا مربدهم وعكاظهم، وينشدوا ما تبدع قرائحهم من قصائد تحاكي واقعهم ، وتنقل مشاعرهم وأحاسيسهم، وفي هذا الوقت تسابق الشعراء في قصائدهم لحمل أوجاع أمتهم على إثر النكبات والنوازل التي ألمت بها، إن كانت طبيعية، أو من فعل بشري، وشعراء منبر أدباء بلاد الشام تحسسوا هذا التوغل الكارثي في جسد وطنهم العربي من المحيط إلى الخليج، فصدحت حناجرهم بقصيدة من مئة بيت، عبّروا فيها عن رؤاهم لما يحدق بالأمة من خطر، فعاينوه ووصفوه، وبحثوا عن أسبابه ودوافعه، تلميحا وتصريحاً، فكان النبض واحداً، كما المشاعر والأحاسيس المتوائمة في التوجهات والمقاصد، وبعد قراءة متأنية للقصيدة، والتي كتبها عشرون شاعراً وشاعرة من سورية ولبنان والأردن وفلسطين، وجدتها وكأنها لشاعر واحدٍ، نابعة من وجدانه، تتوجس من الحاضر، وتستحضر منارة الماضي، وتستشرف مستقبلاً تتمناه مشرقاً وسعيداً، غير أن الحزن يغلف أبيات القصيدة بشكل لافت كما في هذا البيت للشاعر مصطفى مطر:

حزنٌ تعملقَ من رأسي إلى قدمي          يلقي  المشاعر بين  اليأس  والندمِ

وسرعان ما يلتقط الفكرة الشاعر فرحان الخطيب ليبدأ بالقصيدة متسائلاً متعجباً من هذا الكم من الأهوال التي يحملها القدر، ويلقي بها على جسد الأمة، دون أن يرف له جفن، أو ينتابه أدنى شعور من الندم على أفعاله المشينة، يقول :

عجبتُ  من  سطوةِ  الأيامِ  والألمِ           تختارُ   أمّتنا   من    سائرِ  الأممِ

تلوي  أعنّةَ  ما  بالكونِ من  مِحَنٍ          إلى    مرابعنا    عمداً  بلا    ندمِ

وعندما يقرأ الشعراء هذا التّعجبَ، بهذا الاستهلال التساؤلي عن مدى اختيار هذا الأمة لتكون مرتعا للمحن والكوارث، ويزدادون تعجبّاً حين يتذكرون تاريخ أجدادهم التليد، وماضيهم العريق، ولماذا آل المآل إلى هذا الواقع المؤلم، بعدما كنا في مقدمة الأمم، تقول الشاعرة تغريد أبو مرعي :

كنّا   أوائلَ  هذا    الكونِ   منزلةً          كنّا   المنارةَ    بالأخلاقِ   والشّيمٍ

الحقُّ  منهجنا   والعدلُ    منهجنا          راياتنا   رُفعتْ  في شاهقِ   القممِ

ويذهب بنا الشاعر وائل أبو يزبك إلى أن يستذكر رموزاً عالية في البطولة والفداء من  قلب هذا التاريخ الناصع فيقول :

يا أمة  العرب كم من "خالد" بطلٍ         نرنو إلى  سيفه  شوقاً  و"معتصمٍ"

لتجيبه الشاعرة زينب عبد الباقي، وبذات الحسرة والتطلع إلى الماضي العابق بالمآثر والأمجاد، بسؤالٍ أخر مرير فتقول:

أين  الزمان  الذي  جالتْ به هممٌ          تزهو  مناقبُها    بالعزّ    والكَرمِ!؟

لتردّ متباهية الشاعرة حياة قالوش، مؤكدة بإجابة واثقة بأننا أصحاب عزّ سلف، ومجد غبر، فتقول:

من مولد  الفجر كان العز يلبسني         والصّدق والشّعرُ والإبداعُ من قيمي

ولكن الشاعر حسين الهنداوي يصارحها بحقيقة بالغة المرارة، بأننا شعب نسي تاريخه الذي كان مفخرة لأمة يعرب، ماجعلها تسود على الكثير من الأمم، وتنشر فكرها وعلومها عليها، ليقول بحرقة وغصة:

وقد  نسينا    بأنّا   أمّةٌ    شمختْ         تربّعتْ  فوقَ  تاجِ  المجدِ  في القممِ

وبعد هذا الاستحضار لهذا التاريخ المجيد، يتذكر الشعراء أنهم الآن يعيشون واقعاً مريراً موجعاً، تتناهبه الكوارث الطبيعية تارة، ومن فعل الإنسان تارة أخرى، فيغمسون يراعهم في دورق الوطن المكلوم من أقصاه إلى أقصاه، فتنزف قلوبهم دماً على ما يحلّ به من نوازل ورزايا، فيحمّلون متن قصائدهم هموم الشرق كغربه، ومآسي شماله كجنوبه، وكأنهم يحيون نبض بيت الشاعر حافظ ابراهيم:

إذا   ألمّتْ  بوادي   النيلِ   كارثةٌ         باتت  لها راسياتُ الشام  تضطربُ

وكان للشاعرة وفاء الحلبي شعورٌ بأنسنة الطبيعة، حين هاج مزاجها، فغضبت الأرض وتَململتْ، فأودت بمن فوقها إلى لجة العدم، تقول:

والأرضُ في غفلةٍ هاج المزاج بها        هزّت   لتودعنا   في  سدمة   العدمِ

وتذهب عاطفة الشاعرة المدججة بالحزن والصدق بآن، تذهب الشاعرة مريم الصيفي  إلى درنة الباكية والحزينة، حيث العواصف والسيول وإزهاق أرواح العباد، يعصف الكمد بالشاعرة وهي تتساءل:

ما بالُ "درنة"  تغشاها السيول وقد        فاضتْ سدودٌ  وموج  البحر لم  ينمِ

أينَ  المفرّ  وقد  ضاقتْ  بهم  سُبلٌ         بين  الأعاصير  والطوفان  والطّممِ

وتطوف الشاعرة ليلاس زرزور طواف النفس الحائرة، والمحمولة على سحابة من حزن ومن وألم، فتعتصر الآه من قلبها قبل قلمها، لتحطّ رحالها على أرض تزلزلت، وأخرى صيّرتها العواصف مهاداً وودياناً، فأدارت لساكنيها ظهر المجن، فأودعتهم في جوفها أنّات وصرخات وحشرجات، تقول:

حلّ   البلاء   رهيباً  في   مرابعنا          والآه  تقطرُ  من قلبي  ومن  قلمي

أبكي   لدرنة  والأطفال    تأخذهم         هوجُ  العواصف نحو البحر والعدمِ

أبكي  مراكش  والزلزال   أرهقها         والموت في ساحها يمشي على قدمِ

وتختصر الشاعرة سمر تغلبي الجغرافية بالأحاسيس والمشاعر، فالتراب واحد، والجرح واحد، والنبض واحد في كل الربوع العربية، تقول:

أرضٌ تمور وجدران الأمان غدت         فيها   لحافاً   يغطي  الآه    بالعدمٍ

في "درنة" الماء بحر لا سفين  لهُ         وفي  مراكش  أطلالٌ  على   رممِ

أمّا الشاعر محمد الدمشقي، فقد كان متأسياً على ما حلّ بأهلنا من جراء ما حل بهم يوم هاج وماج زلزال سورية، فقد كان يضرب خبط عشواء، بل كان أعمى لا يرى أمامه، فلم تنج من جبروته ولو سنبلة حياة، يقول:

موجٌ من الموت أعمى لا  يبارحنا          لم  تنجُ  سنبلةٌ   من  سيله   العرمِ

فها   هنا  هزّ   زلزالٌ     مدائنَنا          وحزنُنا  ماكثٌ   والجرح  لم   ينمِ

وأمّا الماحقات النازلات بالوطن العربي غير الطبيعية فهي أكثر من أن تعد أو تحصى، وقد طفت على سطح قصائد الشعراء لأنها واضحة وبادية للعيان، ولا ترهقهم بالبحث والتنقيب عنها، ومنها أنّ علّتنا الأكبر تكمن في وجود الاستعمار والغرب ومكوثهما على ترابنا القومي، فهو مصدر الفتن، ومشعل لظى الحروب، يقول الشاعر عبد العزيز بشارات:

تلهو  بنا   فتنٌ    كالليل    حالكةٌ          يديرنا  الغرْبُ   مثلَ الشاهِ  والغنمِ

ليتابع الشاعر حسين الهنداوي وكأنهما يكتبان القصيدة معاً فيقول:

كأننا  قد   خُلقنا  طوعَ   رغبتهمْ         نسيرُ  خلفَهمُ   في    كلِّ    مزدحمِ

وتشير الشاعرة هناء يزبك بلغة لافتة شاعرية لا تخفى على حصيف إلى الإرهاب الذي ضرب دمشق وكثيراً من حواضر الوطن الغالي فتقول:

فالشّام  آيةُ هذا   الكون ما سلمتْ       في مصحف الحبّ من إشراك منتقمِ

فتفسّر الشاعرة فاتن ديركي معنى أن يحل بالشام هذا الوجع الإنساني الموغل في جمالها وغوطتها وقاسيونها، لترى أن الحياة أصبحت شاحبة وكئيبة، فتقول:

وجمرةٌ  في  حنايا  القلب مسكنها       نمشي على  فمها  نمسي على سقمِ

نصحوعلى ظلمةٍ ضاقت  بأعيننا       إذْ  نرتجي  شمسنا  من بؤرة العدمِ    

ولكثرة ما شهد الوطن من ويلات وويلات، فقد تنبّه الشعراء إلى ما استنبت هذا الواقع من أزمات أخلاقية واجتماعية ناخت بكلْكَلِها على صدر الشعوب العربية، والشاعر دائما يحمل مجسّات الاستشعار والاكتشاف ليعرّي الواقع، ويصوّر مواطن الخلل فيه، فيكون بذلك صوت الناس وضميرهم الحي، يقول الشاعر عبد العزيز البشارات:

المالُ  فرّقنا     والحقد      مزّقنا        والفقر     شَتّتنا   والكيلُ     بالتّهمِ

وتتابع الشاعرة وفاء الحلبي الحديث عن ظاهرتين تفشّتا في عالمنا العربي رغم كثرة الخيرات التي يمتلكها  وينتجها، وهما الفقر والجوع، تقول:

حربٌ  وجوعٌ وليس الفقر يرحمنا         كالوحش  يفترس الإصرار  في  الهممِ

وأيضا الجوع يظهر مكشرا عن أنيابه عند الشاعر حسين الهنداوي، يقول:

جوعٌ   وذلٌّ  وتشريدٌ   ومخمصةٌ         وطامعٌ  في  ديارِ  العرْب  في   الرّممِ

والشاعر القس جوزيف إيليا يقف مع الشاعرين السابقين في نفس الدائرة، ويقرن مثلهما الحرب بالجوع، فهما أمران متلازمان يصيبان الأمة، يقول:

يا  أمّة  لم  تزل   تهمي  مدامعها         ولم  تزلْ   ثرّة   الأوجاع   من    قِدَمِ

جوعٌ  وأوبئةٌ  والحرب     تأكلها         وكم  غدتْ   هشّةً     مكسورةَ    القَدَمِ

والشاعرة زينب عبد الباقي، تنضح من نفس المعين، ويعضها الجوع كما فعل بزملائها، فتستصرخ الشرفاء لينقذوا الأمة مما هي فيه، جوعاً وفقراً وجهلاً، تقول:

فالجوع أنهكها   والفقر    شرّدها        والجهل  أسقطها  من     قمّة ِ    الهَرَمِ

وتعزو الشاعرة تغريد ابو مرعي الحال التي صرنا بها إلى أمرين، فساد استشرى فينا فأودى بنا إلى الفقر فالجوع لاحقاً، وجُبّنٌ حطّ من عزائمنا فلانت وهانت، وهذا ما جعل الهزائم تلاحقنا، تقول:

واليوم  عمّ  الفسادُ  في   مواطننا       والجبنُ   حلّ   مكانَ   العزمِ    والهمم ِ

وهذا ما جعل الشاعر عبد الرحيم جداية يعيش في حيرة مع الدنيا التي زعزعت ثقته بنفسه، فحمّلها ثقته، فلم تحملها وغدرت به لأنها كانت على عجلة من أمرها، فتركته على قارعة الوقت لصروف الزمن وويلاته، فبقيت هي مزهوة، تمشي بثقة عالية، حتى غدا قلبه منهكاً هرِماً، يقول:

فكم  فجعتُ  على الدنيا أزعزعها        والأرض  تحملني   من   أسفل  القدمِ

حمّلتُها  ثقتي  كانتْ  على  عجلٍ        تختالُ  في  ثقةٍ   والقلبُ   في    هرَمِ

ولم يبق للشاعرة فريدة الجوهري إلّا أن تختصر بحوراً المآسي، وتلالاً من الكوارث والملّمات، وشلالاتٍ من الأوجاع والآلام، التي حاقت، بل أشهرت مخالبها في جسد  بلادنا، لم يبق لها إلّا أن تقول:

ثكلى بلادي  فوهم الصبر   فارقها       تكدّس  الدمع  في  الأحداقِ  كالهرمِ

ما بالُ أرضي زعاف الموت يتبعها     حتى بكاها جنين     نامَ   في  الرّحمِ

ولأننا محكومون بالأمل، على رأي سعدالله ونوس، ولأن الأمم والأوطان كالأبدان تُصاب بالعلل والأمراض، فلابد من التمسك بالأمل، وسحب خيوط النور من قلب العتمة، لنعيد لأمتنا زهوها وبهاءها، وهكذا هم الشعراء يستقطرون الغيث من كبد الغيمات، ويستنبتون العشب في رمال الصحراء، ويحلمون بغد أفضل، ويتفاءلون  بمستقبلٍ مشرق لأمتهم، وهنا نراهم يختتمون مقاطعهم الشعرية بهذا اللحن التفاؤلي الجميل :

الشاعر حسام السبع يريدها صانعة لمجدها ولو من العدم :

الشمس تجري   ولا  تكبو لحادثةٍ        كم  أمّةٍ  صنعتْ   مجداً  من   العدمِ

الشاعرة حياة قالوش تتمنى أن يحل النور لتنجلي الغمة والظلمة :

لعلّ  نور  الرؤى يرسو على  أفقٍ        يجلو الضمائر  من زيغ  ومن  ظلمِ

والشاعر وائل أبو يزبك يسأل الأمة مذكّراً ومستنهضاً إيّاها :

ألستِ  خيرَ  الدنى  علماً   ومنزلةً         والله    لقنها      بالوحي     والقلمِ

فتقول الشاعرة هناء يزبك وكأنها تؤكد ما سبق، إذن :

قومي  لنغزل  خيط الشمس أغنيةً         من قبل أن تسقط الأضواء في العدمِ

والشاعرة سمر تغلبي ترى مادامت المصائب قد وحدتنا، فلم لايوحدنا علم واحد:

إذْ   وحّدتنا  همومٌ  بعد     تفرقةٍ         يا ربّ فاجعلْ  أساها  وحدةَ    العلمِ

ويسر الشاعر حسين الهنداوي من ذلك، فيتساءل:

فهل  نعود  لنبني   صرح   أمتنا        ونرتقي  في   سماء   الكون  والأممِ

فيؤكد له الشاعر فرحان الخطيب أن الأمر ممكن إذا لبى القوم نداءه:

يا قومُ  هبّوا إلى  مجدٍ    يوحدنا         لنصعدَ  الدرب حتى  شُعفةِ     القممِ

ويختم بعض الشعراء قصائدهم بالدعاء لعل خالق الكون يستجيب:

تقول الشاعرة مريم الصيفي :

يا ربّ ليس سوى الرحمات تنزلها      حتى  تضيء   حياة    الأهل  بالنّعمِ

ويؤكد ذلك الشاعر مصطفى مطر حينما لا يجد حلّا لما نحن فيه:

مقدور  أهلكَ  أن  الحزن  كعبتهم      فلذْ   بربّك   كي    ترتاح   واعتصمِ   

وتسلك الشاعرة ليلاس زرزور الدعاء ذاته:

فما  سواك  إذا    آلامنا  عظمتْ       يُدعى  لدفع الأذى  والكرب  والسّقمِ

ولعل الخاتمة الأجمل والأبهى كانت مع الشاعر محمد شريم الذي آمن بأنّ الضاد جامعة لأمة العرب، ومهما حفّت بها المآسي، وداورتها المحن، وهزّتها الكوارث والخطوب، فلابدّ من أن يلطف بها خالقها، فيختم القصيدة بهذا الدعاء، الذي نرجوه مستجاباً:

يا ربّ فالطفْ بأهل الضاد قاطبةً        واحفظْ  مكانتهم  في  محفل  الأممِ

وصنْ   بلادهمُ  من  كلّ  كارثةٍ         وقسوةِ  الحرب  والتّهجير  والخِيَمِ

حتى  تعيدَ  لها  ما كانَ من عظمٍ        في صرحِ سؤددها  يا بالغ  العظمِ

القصيدة من قصائد المناسبات، ونظمها عشرون شاعراً وشاعرة، كلٌّ على حدة، وإذا تمعنّا فيها، لوجدناها قصيدة تمتلك الكثير من مقومات النجاح والألق، فقد حوت موضوعات عدّة جمعتها وحدة الموضوع، وتفرعت منها معانٍ مثل جداول ربيعية تصب في نهر القصيدة العارم، الحامل لأمواج الانتماء العروبي والإنساني بآن، وامتلك الشعراء رغم سطوة الفكرة، الكثير من الصور والأخيلية والانزياحات الدلالية، حملتها مفردات جزلة، ولكنها واضحة غير مقعرة، ولا يلفها غموض أو إبهام، بل بدت لنا منسابة ومتوازية مع ما تحمله من أفكار ليتطابق معناها ومبناها، وهذا يدلل على أننا على إذا غصنا أكثر في فنية القصيدة، سنجد أن جو الكوارث والمآسي خيمّ على المفردات والتراكيب، فقد وردت مفردة " العدم" في القافية إحدى عشرة مرّة، وتلتها مفردة " السقم " بست مرات، وترادفت القوافي المتشائمة والدالة على الواقع باطّراد ملفت، مثل الألم والظلم والصمم والسقم والعدم والرمم والخيم والطمم  وغيرها، واللافت رغم كثرة الشعراء أن بالمتوسط لم تتكرر القافية إلا كل عشرة أبيات مرة، وعليه فعدد القوافي كان خمسين قافية، في المئة بيت منهم سبع وعشرون قافية لم تتكرر، وقد لاحظنا أن الكثير من الأبيات الشعرية لعدد من الشعراء جاءت مكملة لبعضها، ما نستطيع أن ننجز قصيدة مكتملة البنيان والأركان متوسطة الطول لكل الشعراء المشاركين دون أن يلحظ القارىء أي فروقات في التأليف، ويبقى لي أن أقول أن عواطف الشعراء الوطنية والقومية والإنسانية كانت صادقة، ومنفعلة مع الأحداث، وناقلة لها، كأنها جميعها من ذات المنطقة التي ألمت بها الكارثة، وهذا دليل قاطع على وحدة الشعور القومي عند كل الشعراء .


 















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.