أعلان الهيدر

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019

الرئيسية سنا الصباغ: لو نطق الحجر لقال شعراً في الوطن!

سنا الصباغ: لو نطق الحجر لقال شعراً في الوطن!






أجرى اللقاء : الشاعر محمد شريم
 محمد شريم : يسرني أن أرحب بك الأخت والصديقة الشاعرة والإعلامية العربية السورية سنا الصباغ في هذه المحادثة الطيبة ، واسمحي لي أن أتوجه إليك ببعض الأسئلة لتنشر مع ردودك عليها في ركن ( رموز ثقافية ) على موقع (شرق وغرب) الإخباري العربي ومقره لندن .
سنا الصباغ :أهلاً و سهلاً بك .. يسرني ذلك
محمد شريم : هل لك يا أختنا العزيزة سنا أن تقدمي نفسك للقراء العرب زوار موقع ( شرق وغرب ) ؟
سنا الصباغ :سنا هايل الصباغ , خريجة المعهد التقاني الهندسي , حالياً مديرة المكتب الصحفي في مديرية ثقافة دمشق , أكتب القصة و الشعر .. و لكنّي أعتبر نفسي ما زلت هاوية للشعر , و لي كتابين مطبوعين و ثالث قيد الطبع …
محمد شريم : حدثينا عن البدايات … بداياتك الأدبية ؟ سنا الصباغ :في البدايات أيام الطفولة و المدرسة كنتُ قارئة بامتياز, و كان لمكتبة الوالد رحمه الله الدور الأكبر في الكم الكبير من المخزون الثقافي الذي حفظته في اللاوعي .. ومن ثم بدأتْ تتمخض ذاكرتي عن بضعة خربشات و خواطر كنت أحتفظ ببعضها , أو أمزقها .. و شيئاً فشيئاً بدأت تنضج تجربتي ,, و تتشذب حروفي .. لكثرة القراءات .. و حضور الأمسيات و الأخذ بآراء الأدباء الكبار ..



 ب 1 - شرق وغرب

محمد شريم : وأنت إعلامية أيضاً .. مسؤولة المكتب الإعلامي في مديرية الثقافة بدمشق وعملت في مهمات إعلامية أخرى . هل ترين نفسك أديبة أم إعلامية ؟ ولماذا ؟
سنا الصباغ :لا أرى فرقاً كبيراً حالياً بينهما , و خصوصاً أن مهمتي هي التغطيات الصحفية , أي كتابة التقرير الصحفي و الذي يحتاج لقدرات لغوية و أدبية , و حتى ينجح الإعلامي بعمله يجب أن يتقن فنون اللغة و قواعدها , حتى يخرج بمقالٍ أو خبرٍ صحفي قوي و متكامل , لكن أعترف حالياً أن العمل في المكتب الصحفي أخذني تماماً من الأدب و الكتابة , و حتى قراءاتي قلّت كثيراً للأسف .. لكن تبقى الموهبة الأولى في الكتابة بشتى أنواعها ….
محمد شريم : وعملت في التعليم أيضاً خمس سنوات ، وغادرت الحقل .. لماذا ؟ هل هو حقل ملغم بالصعوبات أم معوق للإبداعات ؟
سنا الصباغ :التعليم لا شك مهمة صعبة و تحتاج صبراً و مسايرة و استيعاب لكل أصناف الأطفال , و قدرة على إيصال المعلومات إلى عقل الطالب ,و الحمدلله كنتُ ناجحة بذلك و كان طلابي يحبونني كثيراً , لكن شهادتي العلمية كانت في الرسم الهندسي , و ليس كلية التربية أو معلم صف , و عندنا في سورية لا أستطيع أن أصبح معلمة “أصيلة” بل كنتُ “مُكلّفة” بإعطاء ساعات تدريسية , و كان لا بد من انتظار الوظيفة الحكومية المثبتة على شهادتي , و التي حصلت عليها بعد خمس سنوات من التعليم , لأتوظف في مديرية المالية ثمان سنوات, و لاحقاً انتقلت إلى مديرية ثقافة دمشق وما زلت فيها, و أيضاً أعمل محررة في موقع سفير برس…
محمد شريم : نعود إلى واقعك الأدبي . أيهما كنت أولاً : شاعرة أم قاصّة؟
سنا الصباغ :قاصّة طبعاً .. فقد قلت في حفل توقيع مجموعتي القصصية الأولى أن الوقت لا زال مبكراً على الشعر , فهو يحتاج إلى قواعد و أسس , و نَظم و قدرة على ابتكار الصور الشعرية و الموسيقى الداخلية , و ليس كل ما يُكتَب يسمى شعراً ,و تبقى القصة بالنسبة لي الأسهل و تملك مساحةً أوسع للتعبير عن الفكرة المُراد إيصالها دون قيود صعبة , و لكن جُمل قصصي كانت شعرية نوعاً ما , و تراكيبي جزلة و مفعمة بالصور الشعرية و المجازات , و قد قال الناقد الراحل “رحمه الله” الدكتور في الأدب العربي/جامعة دمشق (ماجد أبو ماضي) أن بطل مجموعتي القصصية هو اللغة…. لذلك جَنحت كتاباتي وحدها نحو الشعر قليلاً , و لكني أعترف أني لم أتقنه تماماً , بل كانت مجرد محاولات شعرية بسيطة , شكّلت ديوانَي شعرٍ نثري … و حالياً عُدت لمحبوبتي الأولى القصة…
محمد شريم : أختنا سنا ، حدثينا عن كتابك الأول : المجموعة القصصية “إلى آدم فقط”
سنا الصباغ :هو مجموعة قصصية حملت بين دفتيها أكثر من 12قصة قصيرة و متوسطة الطول , تنوّعت بين العاطفي و الوطني و الاجتماعي و بعض الوجدانيات , و آخر جزء من الكتاب كان عبارة عن قصص قصيرة جداً (ق.ق.ج) عنونتها “إلى آدم فقط” لأنها تحكي عن حالات من آدم السلبي…
محمد شريم : ونظمت الشعر أيضاً، وصدر لك ” لبوة الحرف “: أي المجالين وجدت فيه قدرتك الكبرى على إيصال رسالتك الإبداعية .. القصة أم الشعر ؟
سنا الصباغ :لكل جنس أدبي خصوصيته , و جماليته , القصة تملك مساحة أكبر للتعبير , و لا قيود تحدُّ طولَ الجُمَلة حتى إيصال الفكرة -كقافية أو وزن مثلاً- و قد أجدتُها نوعاً ما كما قال الوسط المحيط بي و بعض النقّاد , أما الشعر فنحتاجه أحياناً للتعبير عن وجدانيات و هواجس و مشاعر تحتاج إلى صور مُكثّفة , و مجازات و تعابيرغير مباشرة و مختزلة توصل الإحساس إلى المتلقّي ببضع كلمات شعرية , لا تصلح لتكون قصة مكتوبة , بل قصة مصوّرة و مُتخيَّلة ضمن حروف تلك القصيدة…. و أجِدُني في حقل القصة أقوى من الشعر حالياً على الأقل ….
محمد شريم : ماهي المواضيع التي كانت محور قصصك في ” إلى آدم فقط ” ؟
سنا الصباغ :كما قلت منذ قليل , بعض القصص الاجتماعية , مثل “صلاةٌ لانطفاء القنديل” و “أحلام شرقية” و غيرها , و بعض حالات الحب مثل “كيفك أنتَ؟” , و بعض الهواجس و الوجدانيات مثل “ذات مساء” و قصص وطنية مثل “اللوحة الناقصة” و غيرها … و القسم الأخير كما أشرت كان من نوع ال (ق.ق.ج) عن نماذج من آدم السلبي مثل الرجل الشرقي المتخلف , و الرجل الخائن , و الرجل المثقف الذي يُحاضر بالتحرر خارج أسوار منزله فقط و أمام السيدات , و الشاب اللعوب , و الرجل المتسلّط , و قضية ضرب الأنثى من قِبل الرجل بقصة “يا فرعون مين فرعنك؟” و قضية زواج القاصرات من الكهول كقصة “صفقة” و غيرهم الكثير ….
محمد شريم : وما هي المواضيع التي شكّلت حروفك في ” لبوة الحرف” ؟
سنا الصباغ :قضية المرأة احتلّت الحيّز الأكبر من الديوان فكانت البداية بقصيدة طويلة بعنوان “رسالة إلى أنثى” أهديتها إلى كل نساء الأرض في عيد المرأة العالمي , و أيضاً العديد من حالات الحب , بدرجات العشق المتنوعة , و رسائل موجهّة إلى آدم , مثل “إلى جنتل مان” و “فارسٌ بلا لون” و بعض الوجدانيات مثل “هجاء القمر” … و للوطن دوماً زاوية خاصة به في قلب حروفنا , فكما قلت سابقاً لا شعر بدون الوطن , فكتبت مثلاً “إلى سورية” “غزة أبجديةُ النصر” “أحذية غزّاوية تنتظر” و غيرها…
محمد شريم : هل أنت “لبؤة الحرف ” فعلاً ؟
سنا الصباغ :أفتخر بهذا اللقب كثيراً لأن من أطلقه عليّ هو أستاذي الشاعر العراقي الكبير و الراحل “عبدالرزاق عبدالواحد” و أعتقد أن لحروفي أحياناً مخالب (كما يقول البعض) فهي سلاح الأنثى الوحيد لذلك , أكون لبوة غالباً على الورق فقط و بالحروف ….
محمد شريم : لك كتب مخطوطة ، وأخرى تنتظر أن ترى النور . ما هي الكتب المخطوطة ؟ هل لك أن تحدثينا عنها ؟
سنا الصباغ : ديوان شعري أصبح جاهزاً الآن للطباعة بعنوان “شظايا أنثى و وطن” كتبته أثناء الحرب التي مرّت بها بلدي سورية , ومجموعة قصصية لم تنته بعد بعنوان “قصاصات أنثى” و كلا الكتابين يحتل الوطن كل زواياه و مفاصله و حروفه احتلالَ العاشق ….



 1 - شرق وغرب

محمد شريم : لماذا لم تر الكتبُ المذكورة النور؟ هل هنالك أزمة نشر في سورية؟
سنا الصباغ : المجموعة القصصية كما قلت لم تنتهِ بعد , أما الديوان الشعري فبسبب الأزمة و الحرب و العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب علينا و التي تسببت بارتفاع كافة الأسعار , فأصبح من الصعب تفضيل طباعة كتاب على أمور معيشية أخرى .. ولكن ليس مستحيلاً طبعاً , و قريباً جداً سيرى النور انشاء الله…. و لا توجد أزمة نشر مطلقاً في سورية رغم ظروف الحرب فقد شهد الوسط الثقافي أكبر نسبة طباعة كتب جديدة , و أكبر نسبة حفلات تواقيع كُتب , و معارض كتاب , و الآن سورية تستعد لمعرض الكتاب , حيث سيتم فيه توقيع أكثر من 300كتاب
محمد شريم : ما أعرفه أن وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية ترعى الإبداعات الأدبية .. وأنت لست بعيدة عن عينها ..
سنا الصباغ :نعم , و لكن هناك شروط معينة ,و قوانين و نُظم , و لجان قراءة , و لا يخلو الأمر أحياناً من بعض المحسوبيات , سأحاول أن أدفع الكتاب إلى الوزارة أو اتحاد الكتاب , و إلّا سأطبعه على نفقتي الخاصة كما سابقيه…
محمد شريم : الحديث عن أزمة النشر ربما يقودنا إلى الأزمة الأعم في سورية ، وسورية والحمد لله في مرحلة التعافي ، كيف أثرت هذه الأزمة على إبداع الكاتب من جهة ، وعلى قدرته على النشر من جهة أخرى؟
سنا الصباغ: أعتقد أني أجبت على هذا السؤال ضمنياً في الجواب السابق , فقد أثرت على مستوى معيشتنا ككل ,من ناحية ارتفاع الأسعار المرعب , و التفات الناس نحو تأمين أولويات معيشتهم , و الأهم أثّرت على نفسياتنا و أحدثت ندوباً في الروح لا تُنسى , فالحرب البشعة التي شُنّت على بلدي خضّبتْ حروفَنا بالوجع , و أبجدياتنا بالقهر , ما حدث لسوريتنا موجعٌ بكل ما للوجع من معنى , فلو نطق الحجرُ لقال شعراً في الوطن , و لبَكتِ الأرضُ تارةً حزناً على الشهداء وتارةً فرحاً بالنصر….
محمد شريم : أختنا سنا ، لقد تم تكريمك غير مرة ، وحصلت على العديد من الجوائز . هل لك أن تحدثينا عنها؟
سنا الصباغ : اولى الجوائز كانت من اتحاد الكتاب العرب في سورية في مسابقة القصة 2005 , جائزة مهرجان الخريجين الجامعيين في حمص/شعر 2008 , جائزة مهرجان ربيع الأدب الرابع في اليرموك/قصة 2008 , جائزة مهرجان القصة القصيرة جداً الدولي في حلب 2010 , شهادة المهرجان الأول لقصيدة النثر 2007 …… والعديد من شهادات التقدير في الكثير من المهرجانات وعلى عدد من المواقع الأدبية ….
محمد شريم : عندما أقرأ عناوين كتبك يا أستاذة سنا ألاحظ أنك مهتمة بالنوع الاجتماعي أو (الجندر) .. ” إلى آدم فقط ” ، “لبؤة الحرف ” ، “شظايا أنثى ووطن ” و “قصاصات أنثى ” .. هل ملاحظتي في مكانها ؟
سنا الصباغ :ربما تأخذ الحيز الأكبر من حروفي , فهمومنا الاجتماعية و علاقة آدم و حواء بكل تعقيداتها و جدلياتها بين مدٍّ و جزر , كانت محور معظم كتاباتي , بالإضافة إلى هموم الوطن و بعض المونودراما و الهواجس الداخلية و الوجدانيات ….



 د 1 - شرق وغرب

محمد شريم : هل يمكن لسنا الصباغ أن تطلعنا على مشروعها القادم ؟
سنا الصباغ :في المجال الأدبي كما سبق و قلت أسعى لطباعة ديواني الثاني و الانتهاء من مجموعتي القصصية الثانية , و في المجال العملي أرغب بمتابعة تعليمي الجامعي في كلية الإعلام إنشاء الله و أسعى لتطوير نفسي في هذا المجال الذي أحبه ….
محمد شريم : قال لي أديبنا الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور في حديث سابق أجريته معه لصالح ” شرق وغرب ” : ” دمشق تسكن في روحي بجوار القدس ” . فماذا تقولين أنت كأديبة عربية سورية ؟
سنا الصباغ : دمشق و القدس توأما مقاومة , و هما جناحَي حمامة السلام العربية , و لن تطير بدون أحدهما …
محمد شريم : كيف تنظرين بعين الأديبة إلى واقع الأمة العربية ؟ هل أنت متفائلة ؟
سنا الصباغ : للصراحة لا …. إذا ما نظرت إلى واقع الأمة العربية الحالي وما يحدث من خيانات عربية صريحة و باتت (عالمكشوف) و بالذات محاولات التطبيع الأخيرة و حيثيات صفقة القرن أو صفقة (العار) كما أسميتها .. كل ما يجري على الساحة العربية لا يدعو للتفاؤل .. و لكن حين أنظر إلى انتصارات جيشنا السوري و تضحياته لاستعادة الأراضي السورية و تمسك بلدي و بعض الأحزاب العربية في محور المقاومة بالقضية الفلسطينية , أستعيد الثقة بالنصر و تغيير الحال قريباً إنشاء الله
محمد شريم : أنت ابنة جبل العرب ، هل لجبل العرب في إبداعك نصيب ؟
سنا الصباغ :طبعاً و بعدة قصائد بالفصحى و باللهجة المحكية .. و لعل آخرها كان قصيدتي (رجلٌ بحجم وطن) التي كتبتها في رثاء الشهيد البطل “عصام زهر الدين” /فصحى , و بالمحكي كتبت : “حِنّا بني معروف .. ما نهاب المنيّة .. رجالنا سباع السّويدا تهدّ جبال .. و بناتِنا أصايل .. ما تُعرف خَطيّة …”
محمد شريم : ما هي الكلمة الأخيرة التي توجهها الأديبة والإعلامية سنا الصباغ لقراء “شرق وغرب” ؟
سنا الصباغ : أرجو أن تكون حروفي خفيفة الظل على القراء الكرام .. و ألا نكون قد أسهبنا في الكلام المكرر بلا فائدة , لكن أسئلة حضرتك كانت طويلة , و ليس ذنبي  , و كل الشكر سلفاً لكل من سيتكبّد عناء القراءة و الصبر حتى النهاية … عسى أن أكون قد استطعت تقديم نفسي بطريقة مُحبّبة و بشكل يرقى لذائقة القُرّاء ….
محمد شريم : أشكرك شكراً جزيلا أختنا وصديقتنا الشاعرة والكاتبة العربية السورية سنا الصباغ على هذا اللقاء ، متمنياً لك التوفيق في إبداعاتك القادمة إن شاء الله.
سنا الصباغ :كل الشكر لك أستاذ محمد شريم على أسئلتك المفصّلة و العميقة . والشكر لموقع “شرق وغرب” لإتاحة فسحة للبوح على منبركم ..
( عن شرق وغرب اللندني ـ تاريخ النشر 4 سبتمبر 2019)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.