*ميخائيل رشماوي :
كاتب ، نائب رئيس مجلس إدارة "منبر أدباء بلاد الشام" ـ فلسطين
لمح فؤاد شيئًا غير طبيعي في جسمه ، قلق ، وتوتّر ، وانتابته المخاوف والظّنون ، ما
عسى أن يكون ذلك ؟ هل هي إشارة لخللٍ
ما في جسمه، هل هذا مقدّمة وتلميح
لشيْ أخطر سيحدث في المستقبل؟ فكّر وقال في نفسه : لا بدّ من مراجعة طبيبٍ ليفسّر لي هذه الظّاهرة.
اصطحب زوجته معه إلى الطّبيب ، وأخبره بما حصل معه ، قام الطّبيب بفحصه فحصًا كاملًا من رأسه حتّى أخمص قدميه قائلًا
له: أنا لا أرى شيئًا فيك ، إنّني
أرى أنّك طبيعي ، ولا توجد مشكلة عندك .
نظر الطبيب إليه متسائلًا : أراك غير مطمئن
.
فؤاد: إلى حدٍّ ما يا دكتور .
الطّبيب : معك حقّ لتقلق ، ولذا أقترح عليك أن
تخضع لصورة مغناطيسيّة لرأسك لتطمئن وأطمئن ،
وعليك أن تجري هذه الفحوصات ، وتناول ورقةً وخطّ عليها ما يريد
تناول فؤاد الورقة وذهب مع زوجته لإجراء
الفحوصات ، جاءت نتيجة
الفحص غير مشجّعة ، ولذا ازدادت
هواجسه .
قرّر أن يخضع للصورة المغناطيسيّة ، أدخله
المسئول في جهازٍ محكم الإغلاق ليبقَ فيه
مدّة تقارب النّصف ساعة ، واضعًا نفسه تحت
رحمته وهو يصدر طرقاتٍ متقطّعة ،
وأصواتًا أخرى متواصلة، وهو سارحٌ
بفكره وخياله : كم أنت مبدعٌ أيّها الإنسان ! هذا الجهاز يقوم بعمل تخطيطٍ لدماغه ، يعطي صورة واضحة لتفاصيل
الشّرايين فيه ، وهل أصابها ضررٌ أو لا ،
يعطي للطبيب لوحةً مكشوفة وكأنّه يقرأ
كتابًا أمامه ، يا الله ! ومع ذلك يشطح
تفكيره في أمورٍ شتّى ويسرح بخياله
وهواجسه ، هل سيخرج من هذه الجهاز سالمًا ولا يحدث له شيء؟ أو
هل أدّى الجهاز وظيفته وأظهر
المطلوب منه بحيث يستطيع الطّبيب أن يشخّص
حالته ،وأخيرًا توقّف الجهاز عن العمل
وشعر بإرتياح كبيرٍ ، وخرج منه يصيبه
الدّوار، أمسكه الموظّف وقاده إلى الخارج ، إلى زوجته التي كانت بانتظاره ويكمل مشوار العلاج ، وليواصل مسيرة الحياة
بهمّة ونشاط وعدم استسلام ، تقوده
عزيمته إلى المضي قُدُمًا في مواجهة أيّة نتائج
لهذا الفحص فالإنسان قويٌّ بإيمانه وصلايته وتحدّيه لكل ما يلاقيه من مصاعب ، وتخطر في باله ما قاله أرنست همنجواي في قصّة الشّيخ والبحر:
الإنسان قد يُدمّر ولكنّه لن يهزم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق