أعلان الهيدر

الأحد، 23 فبراير 2020

الرئيسية "مطر أسود " للشاعر "رضوان قاسم"

"مطر أسود " للشاعر "رضوان قاسم"


مطر أسود!






شعر : رضوان قاسم ـ دمشق



 مطرٌ أسود
مطرٌ مطرٌ يتلحَّفُ بالبردِ وصوتُ الرِّيحِ قطيعُ ذئاب
مطرٌ يرشقُ وجهَ مدينتِنا بعباءتها السوداء
لكن لا أحدٌ يتمرَّى،
أو يرقبُ وجههُ في بركِ الماء
ستفيضُ الآبارُ، وتجري أوديةٌ،
ويظلُّ الفقراءُ همُ الفقراء
وتظلُّ مدينتنا هادئةً، باردةَ الأعصاب
***
يدخلُ عصفورٌ كوَّةَ مدفأةٍ،
فيصابُ بخيباتِ الدِّفءِ، ويخرجُ مستاء
يسألْ ...
لِمَ لا يعملْ ..
صاحبُ هذا المنزلِ حطَّاب!!؟
يرتعدُ البابُ لفكرتهِ
سأكونُ الأوَّلَ في قائمةِ الأخشاب
أترى من يدري ما خلفَ الباب!!؟
رجُلٌ يتكوَّرُ في زاويةٍ
ترعبهُ حيرةُ طفلٍ يغري مدفأةً جائعةً بكتاب
تتهجَّى المدفأةُ الكسلى:
تاءٌ، ألفٌ، راءٌ، ياءٌ، خاء ..
عموريَّةَ، معتصمٌ، أندلسٌ، زرياب
لا يسمنُ أو يغني عن جوعٍ تاريخُ الأعراب
يخرجُ ...
عيناهُ إلى الأرضِ كعادتهِ
والصبرُ الملحُ الأسودَ في وجهتهِ
لا يدري...
هل مطرٌ أم دمعٌ ذاكَ العالقُ بينَ الأهداب
تأتي مسرعةً، والسائقُ لم تخفِ شتائمًهُ نظارتهُ السوداء
يترجَّلُ، يقفزُ كالجندبِ خوفاً من بركِ الماء
يرشقهُ عن آخرهِ...
شكراً، شكراً سيدتي المرسيدس
شكراً، يا صاحبةً المخملِ، والأضواء
شكراً، يا السادةَ أصحابَ الياقاتِ البيضاء
أدري ما كنَّا يوماً أحباب
لكن في هذي اللحظةِ يجمعنا شيءٌ
حمَّامُ الماء
يأخذُ في الشارعِ ركناً منزوياً
يتعرَّى ... يتركُ ما يلبسُ من أعباء
يخلعُ ما يدعى بالمعطفِ كي يعصرَهُ
يأتيهِ على عجلٍ:
أمسكتكَ يا الداعرَ
يصرخُ شرطيُّ الآداب
***
مطرٌ مطرٌ
وهنالكَ ليسَ بعيداً
ترتجُّ سنابلُ قمحٍ في ريعانِ طفولتها تنفضُ عنها قطراتِ الماء
هل أصبحُ (كيكاً) يرمقني عن بعدٍ طفلُ الأرصفةِ البلهاء
أو خبزاً ليظلَّ الفقراءُ همُ الفقراء
مطرٌ... ومدينتا متعبةٌ
لا تشكو من شيءٍ إلَّا من رشحٍ وزكامٍ في الأعصاب
تبقى هادئةً ..
لا تعلمُ شيئاً عن مدفأةٍ جائعةٍ، وكتابٍ صارَ رماداً
كي يدفئَ كومةَ لحمٍ خلفَ الباب
أو عن رجلٍ يتكوَّرَ في زاويةٍ مظلمةٍ لينالَ عقاب
مطرٌ ... مطرٌ
لا يشبهُ عينيكِ ولا مطرَ السيَّاب!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.