بقلم: رعد الدخيلي.
*شاعر وكاتب عراقي.
قصيدة (ياعاشق القدس) للشاعر الفلسطيني (محمد
شريم) صرخة مقدسية بحنجرة أصيلة حاولت أن تهز طبلة أذن العرب المتصاممة بمحاولات
التَّطبيع و التَّركيع ..
لقد حاول الشاعر الكبير (محمد شريم) أن يحرّك
بقصيدته العصماء هذه وجدان العروبة ويوقظه من سباته الطَّويل في ليل الضياع ، لكن
هذا الوجدان لمّا يزل في نعاسه و شخيره
الذي لا يبدِّد رتابته غير دم يراق و ضحية تستشهد .. إذ لا دم يراق و لا
ضحية تستشهد إلّا في فلسطين ، والكل عنها معرضون .. ساهون .. فاغرون ، لا يرون ما
أهلها يرون !!!..
أهلها .. أولئك الأُوَلُ .. من قادة و رجال
الأمّة المجيدة ، الذين حفظوا الأرض و العرض من دنس الصَّليبيين بسيوفهم و
بمواقفهم الثابتة على مبادئ الإسلام الحنيف و نخوة العربيِّ الأصيل..
فحينما يقول
الشاعر (محمد شريم) :
(ما عاد فيهم صلاح الدين منتصراً
ولم تعد نخوة في
صدر معتصمِ)
فهو هنا يحاول
تذكير الحكّام العرب بأجدادهم من القادة الأفذاذ الذين كتب التاريخ أسماءهم بمداد
من نور و ذهب .. فكانت عليهم فلسطين عزيزة محترمة .. غير مغتصبة و لا مهتضمة ..
لعلَّ ضميرهم يتحرّك ، فيعودون إخوة أشقاء بعدما تقاذفتهم المصالح و أغرتهم
الولاءات الكاذبة، فباعوا الوطن بثمن بخس رخيص ، وما كان لهذا الوطن أن يباع.. حتى
يرث ﷲ الأرض ومن عليها.
(تعلّل النفس في قرشٍ تجود بهِ
للقدس في موقفٍ
يُعزى إلى الكرمِ)
وكأن من يقدِّم
المساعدات المالية لفلسطين .. إنّما يقدمها من باب الكرم .. لا من باب الواجب..
[أو أنْ تغازلها في محفلٍ خجلٍ
أو أنْ تؤازرها
في (هيأة الأممِ)]
بمعنى ؛ إنَّ
موقفَ الحكّام العرب من القضية الفلسطينية موقفٌ عام ، لا موقف مسؤول ولا من
الصَّميم .. فالمواقف التي يبديها الحاكم العربي خلال مؤتمرات مجلس الأمن و الأمم
المتحدة مواقف روتينية .. تشوبها الفوقية العابرة لا العمق العربي الإسلامي..
من هنا يشخّص
الشاعر هذه الحالة ، و يحاول توظيفها بالصورة و الإيقاع الشِّعريين مموسقة؛ عسى أن
تشنّف مسامع الحكّام العرب .. فيسمعون و يطيعون لفلسطين ، ولكن هذا لن يكون ..
(حتى يلجَ الجملُ في سم الخياط) !!..
الشاعر محمد شريم استهل قصيدته بتداعيات
عاطفية مؤثّرة .. تدمع العين و تدمي القلب..
حاول أن يؤجِّج
العاطفة نحو القدس ؛ حين قال :
(يا عاشقَ القدس هل تشتاقُ للحَرَمِ
وهل بعينيكَ
حالُ الدَّمعِ بالألمِ؟!)..
تساؤل مرير
مؤثّر حقاً.. لا يحسُّ بلوعته إلّا ابن الأرض!
إلى أن يختم مستهلَّه بائساً خائباً من
الحكّام العرب الذين (تتحرّك دكة غسل الموتى ولا تهتزُّ لهم قصبة).. على وصف
الراحل الكبير (مظفر النوّاب)..
فيختم شاعرنا
المقدسي (محمد شريم) قصيدته (يا عاشق القدس) بقوله :
(لكنها خذلتْ من عجز نخوتهم
كأنَّ نخوتَهم
آلتْ إلى الهَرَمِ)
وماذا بعد الهرم
إلّا الموت!؟..
وأقول :
لا تيأسْ يا
(ابنَ القدسِ)
فغداً تزهو
بالأُنسِ
و غداً ينزاحُ
المحتلّْ
والزَّيتونُ
يُعَرِّشُ فوقَ التّلّْ
و يعود الأحباب
الأهل
من كل بقاع
الدُّنيا
و أذان ﷲ سيعلو
بمنائر قبلتنا
الأولى
لا تيأس يا (ابن
القدس)!
و أنعم بالفرحة
ملءَ النَّفس
فأنا من شرق
الوطن العربيِّ
مازلت أتطلّعُ
للقدسِ
و معي كل الأشرف
سنصلّي جمعاً
فيها
و نشمُّ بخور
الإسلام بفيها..
مع أطيب
المنى؛؛؛
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق